البريد للتواصل: [email protected]

مقالاتي

النشاط اليهودي قي أوربا -وخاصة بريطانيا- من أجل احتلالهم للقدس وفلسطين



النشاط اليهودي قي أوربا -وخاصة بريطانيا- من أجل احتلالهم للقدس وفلسطين استلم اليهود راية احتلال فلسطين والقدس من أيدي النصارى الصليبين المهزومين وعملوا على استغلال الجذور الفكرية التوراتية لدى النصارى وتحويلها لصالح شعب الله المختار، فأصبح النصراني الغربي يؤمن –وفق التوراة المقدسة عنده- بأن نبوءات التوراة يجب تحقيقها،فواجب ديني مقدس: أن يعمل النصارى لعودة اليهود شعب الله المختار إلى فلسطين أرض أجداده وآبائه الإسرائيليين، واقتلاع أصحابها الفلسطينيين منها، وإقامة هيكل الرب –هيكل سليمان- على أنقاض المسجد الأقصى. لقد تشرّب جميع النصارى الغربيين مبادئ الصهيونية المتضمنة في التوراة بلا وعي ولا شعور، وأخذ المبشرون النصارى يطوفون أرجاء المعمورة وهم يدعون إلى الإيمان العميق بنبوءات التوراة المقدسة، والعمل الدؤوب إلى تحقيقها خدمة للرب والكنيسة. لقد بدأ اليهود نشاطهم في أوساط النصارى الأوروبيين منذ القرن السادس عشر الميلادي إذ تجاوزوا حدود العقيدة الدينية، وأصبحت اليهودية أمة ورمزاً للقومية، وأصبح الكتاب المقدس اليهودي كتاباً سياسياً ودينياً معاً. ويركز على العهد الإلهي بالأرض المقدسة –أرض فلسطين- وأحقية شعب الله المختار بهذا العهد. أصبحت المفاهيم والأفكار التوراتية جزءاً من العقيدة المسيحية الكنسية، وخاصة بعد ظهور المذهب البروتستانتي على يد كل من الألماني مارتن لوثر 1481-1529م، والسويسري زنجلي 1484-1531م،والفرنسي كلفن 1509م. إنّ رائد الإصلاح الديني مارتن لوثر نشر في كتابه (المسيح ولد يهوديا): إنّ الروح القدس شاءت أن تتنزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم..إنّ اليهود هم أبناء الرب، ونحن الضيوف والغرباء، وعلينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب، التي تأكل ما يتساقط من فتات مائدة أسيادها. وفي القرن التالي انتشرت المسيحية اليهودية في الأوساط الدينية إلى الأوساط الأدبية والسياسية..إنّ 'جاك لوك' مؤسس النظرية الليبرالية قال في كتابه تعليقات على كتاب القديس بولس: إنّ الرب قادر على جمع اليهود في كيان واحد وجعلهم في وضع مزدهر في وطنهم القومي، وهو أرض الميعاد في فلسطين. واسحق نيوتن مكتشف نظرية الجاذبية يقول في كتابه: (نبوءات دانيال ورؤيا القديس يوحنا) إنّ اليهود سيعودون إلى وطنهم .. لكني لا أدري كيف سيتم ذلك؟ .. ولنترك الزمن يفسره 'وجان جاك روسو' فيلسوف العقد الاجتماعي يقول في كتابه إميل: لن نعرف الدوافع الداخلية لليهود أبدا حتى تكون لهم دولتهم الحرة ومدارسهم وجامعاتهم. لقد قاد هذا المذهب حركة الإصلاح الديني في أوساط الأوربيين وتداخلت في هذه الحركة أساطير وحكايات صهيونية، تسربت إليها عبر التفسيرات الحرفية للتوراة، وساعدت على تناميها مجموعة من الدوافع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منها أمر الملك هنري الثامن ملك إنجلترا عام 1538م بترجمة التوراة للغة الإنجليزية ونشرها وإتاحتها للقراءة من قبل العامة، إنه بذلك كان يضع التاريخ والعادات والقوانين اليهودية لتكون جزءاً من الثقافة الإنجليزية، وأصبحت اليهودية ذات تأثير قوي في هذه الثقافة على مدى القرون الثالثة التالية. أكدت المؤرخة اليهودية 'تشمان' أنه من دون هذا التراث التوراتي، فإنه كان من المشكوك فيه صدور وعد بلفور باسم الحكومة البريطانية عام 1917م، أو انتدابها على فلسطين رغم وجود العوامل الإستراتيجية التي ظهرت في الحياة البريطانية فيما بعد. دور بريطانيا العظمى: لعلّ بريطانيا العظمى أول دولة أوروبية استأثرت بالنشاط اليهودي والأفكار التوراتية الجديدة، إذ استطاع اليهود بوسائل الإعلام وبالبغاء السياسي والمالي والديني أن يوهموا البريطانيين بأن الأرض المقدسة فلسطين خالية من السكان منذ تم نفيهم منها. وهم اليوم يريدون العودة إليها ليعيدوا سيرة الملك داود ويحققوا نبوءات الكتاب المقدس، ومن الواضح أنّ الاتجاهات الطائفية والدعوات المسيحية، وتفسير النبوءات التوراتية قد ترسّخت في أذهان ونفوس عامة الشعب البريطاني، وتركت آثارها القوية في نفوس معظم السياسيين البريطانيين، لدرجة أن أصبح كبار الساسة البريطانيين صهاينة أكثر من اليهود أنفسهم. ومن أبرز الأمثلة على صحة هذا القول: لورد بلفور وزير خارجية بريطانيا الذي كانت ثقافته وقناعته الدينية التوراتية لها دورها الهام في تكوين موقفه السياسي من المشروع الصهيوني, وإصداره لوعده المشئوم في الثاني من نوفمبر 1917م. تقول ابنة أخته السيدة 'بلا نش دوغايل': لقد تأثر بلفور منذ نعومة أظافره بدراسة التوراة في الكنيسة، وكان كلما اشتد عوده زاد إعجابه بالفلسفة اليهودية، وكان دائماً يتحدث باهتمام عن ذلك. ويقول 'دونالد واغنز': إنّ أطروحات شعب الله المختار وحقه في أرض الميعاد وتحقيق النبوءة بتجميع اليهود في دولة إسرائيل في فلسطين من أظهر معتقدات بلفور التوراتية التي تربى عليها في نشأته في إحدى الكنائس الإنجيلية السكوتلاندية. لقد كان بلفور أكثر فهماً من هرتزل لطموحات الصهيونية على حد قول 'بينز غروز' كبير الصحافيين الأمريكان العاملين في جريدة 'نيويورك تايمز' وأحد العاملين في لجنة التخطيط في وزارة الخارجية في عهد إدارة الرئيس جيمي كارتر. وكان بلفور يقول عن نفسه: أنا صهيوني أكثر من الصهاينة أنفسهم. يقول جورج غالوي النائب البريطاني:'إنني أشعر بالخجل من دور بريطانيا في المأساة الفلسطينية، التي بدأت عندما أطلق وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت آرثر بلفور وعده الذي منح فيه أرضا ليست ملكا له بل يملكها شعب هو الشعب الفلسطيني لشعب آخر'. هنا بدأت المشكلة التي استمرت مائة عام والمأساة الدموية التي لم تكن فقط للشعب الفلسطيني وإنما أيضا لليهود والشرق الأوسط والعالم، وكل يوم عليّ أن أجلس في مبنى البرلمان البريطاني حيث جلس بلفور ورئيس الوزراء السابق إيدن ورئيس الوزراء السابق توني بلير، هذا مبنى ارتكب فيه الكثير من الجرائم للناس في العالم العربي وكذلك في العديد من بقاع العالم. جاء في دائرة المعارف البريطانية: 'إنّ الاهتمام بعودة اليهود إلى فلسطين قد بقى حياً في الأذهان بفعل المسيحيين المتدينين، وعلى الأخص في بريطانية أكثر من فعل اليهود أنفسهم'.
هل أعجبك الموضوع؟