الرد المبين على مزاعم وأغاليط الدكتور عثمان الخميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فقد قدَّر الله تعالى لي أن استمع لمحاضرة للشيخ الدكتور عثمان الخميس حفظه الله عمَّا يحدث في غزة، وقد تضمن محاضرته مجموعة من الأغاليط والمزاعم، التي ما كان ينبغي أن يقع فيها الشيخ الفاضل، كما تضمنت تخذيل المسلمين عن مناصرة أهل غزة ودعمهم، وقد بنى مزاعمه وما صدر منه من أغاليط، وما تفوه به من أحكام شرعية أو نصائح سواء للمسلمين تخذيلا عن مناصرة غزة وأهلها، أو نصائح لأهل غزة بالصبر والاستسلام لعدوان وبطش وإجرام يهود. هذا كله بناه على جهل بواقع الجهاد والمجاهدين في غزة، وجهل كبير بأحداث وقعت منذ سنوات في قطاع غزة. ولذا أحببت أن أردَّ عليه وأنقض مزاعمه وأكشف أغاليطه، بياناً للحق وكشفاً للباطل، مستعينا بالله العلي القدير، راجياً منه التوفيق والسداد.
1- ممَّا يؤسف له أن الشيخ استهان بعلماء غزة، وقال: "دلوني على عالم من غزة يشار إليه بالبنان حتى نرجع إليه".
أولا: يجب عليك أولا أن تتقي الله تعالى في علماء غزة، فغزة ليست أرضا خربة أو جدباء لا يوجد فيها علماء ولا مشايخ، وإن كنت لا تعلم فهذا ذنبك وحدك ويعد تقصيراً منك لعدم تواصلك معهم أو السؤال عنهم، ففي قطاع غزة والضفة الغربية مئات من أهل العلم الشرعي يشار لبعضهم بالبنان ممن يعرف فضلهم ومكانتهم العلمية، ففي غزة عدة كليات شرعية يدرِّس فيها عشرات من حملة الدكتوراه في العلوم الشرعية، وبعضهم يحمل درجة الأستاذية في الفقه وأصوله، وفي الحديث وعلومه، وفي القرآن الكريم وعلومه، وفي العقيدة والمذاهب المعاصرة وغيرها من التخصصات الشرعية، وقد تخرَّج على أيديهم آلاف طلبة العلم الشرعي من حملة البكالوريس وعشرات من حملة الماجستير، ولهم من الأبحاث العلمية المحكمة والمؤلفات العديدة، والعبد الفقير - الذي يكتب في الرد عليك- له سبعة عشر بحثاً علمياً، وستة عشر كتاباً مطبوعاً، بعضها يباع في مكتبات دول الخليج، وبعضها يدرَّس في مرحلة الماجستير في إحدى الجامعات السعودية كما أخبرني بذلك بعض طلبة العلم.
ثانيا: غزة توجد فيها رابطة علماء فلسطين، وللرابطة فرع في الضفة الغربية وفرع آخر خارج فلسطين، ينتمي للرابطة مئات من أهل العلم الشرعي، وكثير من علماء غزة أعضاء في الاتحاد العالمي لعلماء فلسطين، وغيرها من الروابط والتجمعات العلمية.
ثالثا: اعتقد جازماً أنك تعرف العلامة السلفي الشيخ الأستاذ الدكتور عمر الأشقر الذي توفي منذ مدة وجيزة، لقد كان هذا العلامة رئيس شورى حركة حماس، وللشيخ كما هو معلوم لطلبة العلم كتب في العقيدة وعلوم الشريعة وأصول الفقه، كما له دروس وندوات علمية، ومعلوم بداهة أن حركة حماس حركة دعوية تربوية جهادية.
رابعا: حركة حماس يناصرها ويدعمها الآلاف من العلماء والدعاة والمفكرين، تتواصل مع الكثيرين منهم ويتواصلون معها، ومئات منهم زارنا في غزة واطلع على واقعنا الثقافي والدعوي، وكثير منهم كان يلقي الدروس والندوات على أبناء غزة.
رابعا: كلُّ قادة حماس من حملة الشهادات العلمية المحترمة، ومنهم من حملة الشهادات العليا سواء في العلوم الشرعية أم غيرها من العلوم.
أبعد هذا البيان والتوضيح أيليق بك أن تغمز في علماء غزة، ثم أسألك: هل أنت من أهل الاجتهاد الشرعي، لتجتهد في محاضرتك وتزعم: "نَّ ما يحدث في غزة فوضى وليس جهاداً، وهو من جر الناس للتهلكة.." وسوف أردُّ عليك – في نقطة أخرى- هذا القول المنكر الذي لم تلق له بالاً، واذكرك بحديث النبي صلي الله عليه وسلم: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله عز وجل لا يلقى لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالاً يهوي بها في جهنم". رواه البخاري.
2- قلت في محاضرتك "إن البيعة لدى حماس ليست في سبيل الله بل في سبيل الحزب".
- الله أكبر وحسبنا الله ونعم الوكيل، الدكتور عثمان الخميس من أين جئت بنص البيعة الذي اختلقته ولفقته، ألم تسمع وسمع ملايين المسلمين هتافات أبناء حماس وقادتها في المهرجانات والمسيرات شعار حماس:" الله غايتنا، والرسول قدوتنا ، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا. ألم يقل شيخنا أحمد الياسين:" أملي أن يرضى الله عني". فماذا تقول لربك سبحانه وتعالى يوم القيامة، عندما يحاججك ويخاصمك أبناء حماس فيما افتريته عليهم ولفقته من بيعة موهومة.
3- زعمت أن "أهل فلسطين ومنهم أهل غزة ليس عندهم استعداد للجهاد، وركزت على الاستعداد الإيماني".
أولاً: طبعاً هو قول دون تثبت بل إلقاء للقول على عواهنه كونه يصادف هوى في النفس ونتيجة عصبية مقيته. أهل غزة يا شيخ عثمان مسلمون من أهل السنة والجماعة، وأبناء حماس تربَّوا على عقيدة أهل السنة والجماعة وفق منهج السلف، وهم يتلقون العقيدة علماً وتربيةً على يد علماء سلفيين في معتقدهم، فعدد كبير من أساتذة العلوم الشرعية خريجوا الجامعات السعودية (الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض) وأنا واحد منهم، وكتبنا وأبحاثنا في العقيدة بل ورسائل الماجستير التي يكتبها خريجوا الجامعة الإسلامية بغزة تشهد بذلك.
ثانياً: هناك العشرات من حلقات العلم الشرعي وخاصة في تخصص العقيدة تقام في المساجد، وفي بيوت أهل العلم الشرعي ومعظم حضورها هم أبناء حماس، وهم يدرسون فيها عدة كتب في العقيدة السلفية منها: شرح العقيدة الطحاوية بتعليقات عدد من علماء السعودية الأفاضل، ومعارج القبول، بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول للعلامة حافظ الحكمي.
ثالثا: جميع أبناء حماس بما فيهم القادة السياسيون والعسكريون يدرسون العقيدة السلفية فيما يعرف بنظام الأسرة الأسبوعية، والمنهج تمَّ إعداده من قبل أساتذة متخصصين في العقيدة وتمت مراجعته من أساتذة كبار متخصصين أيضاً في العقيدة السلفية.
رابعا: لقد تخرَّج عشرات الالآف من أبناء حماس من حلقات تحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكام التلاوة، المتواجد وبكثرة في مساجد قطاع غزة التي دمَّر العدو الصهيوني أكثر من سبعين منها، ويوجد منهم بدون مبالغة الآلاف حفظة لكتاب الله تعالى، ومنهم من يحمل السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد شاهد كثير من مسلمي العالم المخيمات القرآنية التي أقامتها حركة حماس في العطلة الصيفية، وقد تخرَّج منها عشرات الألاف من الفتية والفتيات، بعد أن تلقوا فيها دروساً في الأخلاق، والعقيدة، والسيرة النبوية، والحديث الشريف..الخ
خامسا: أقامت وزارة التربية والتعليم مخيمات الفتوة لطلبة الثانوية في فترة الإجازة الصيفية وأيضاً بين الفصلين، حيث يتلقى الطلبة دروساً تربويةً خاصةً بالإضافة التعليم على استعمال السلاح، مع عدد من التمارين الرياضية العسكرية، بناءً للعقل والروح وللجسم، وإعداداً مبكراً للجهاد في سبيل الله تعالى.
4- وصفك يا شيخ عثمان الخميس: "الجهاد في غزة بالفوضى وهو من جر الناس إلى التهلكة". هذا يعني عندك عدم مشروعية الجهاد في فلسطين الآن!! إن قولك هذا غريب جداً بل وشاذ لا يجرء على قوله مبتدأ في العلوم الشرعية. وما ذكرت من العلماء الأجلاء لم يقل منهم أحد بذلك، بل كان هناك من أفتى بحرمة العمليات الاستشهادية، وهم قلة فكتب في الرد عليهم عدد كبير من أهل العلم ومنهم الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله.. ثم يا شيخنا هناك عشرات من الكتب والأبحاث الشرعية والفتاوى لعدد لا يحصى لكثرتهم من علماء العالم الإسلامي افتوا بمشروعية الجهاد في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين التي تسلَّط عليها الكفرة والمشركون، ثم اسمح لي بسؤالك: عندما اعتدى الظالم صدام حسين على الكويت واحتلها وشرَّد أهلها وقتل منهم من قتل وفعل فيها ما فعل، هل جهاده وقتها كان مشروعاً؟؟ وكان هناك إعداد إيماني لجهاده!! بينما اليهود الذين احتلوا فلسطين ويسومون أهلها سوء العذاب ويمارسون أبشع أنواع الإرهاب في العالم فجهادهم ليس مشروعاً. هذا والله شيء عجيب وغريب، وما يتفوه به مسلم عنده مسكة من عقل، وليهنأ اليهود بمثل هذه الفتاوى الظالمة والباطلة.
وهذه بعض فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله الذي زعمت باطلاً أنه ضد الجهاد في فلسطين: 1- أفتى بوجوب الجهاد ضدَّ اليهود المعتدين على أرض فلسطين، وقال:"فالواجب عليهم الدفاع عن دينهم وأنفسهم وأهليهم وأولادهم وإخراج عدوهم من أرضهم بكل ما استطاعوا من قوَّة"، وقال: "فالواجب على الدول الإسلاميَّة وعلى بقية المسلمين تأييدهم ودعمهم ليتخلَّصوا من عدوهم، وليرجعوا إلى بلادهم".انظر مجموع مقالات وفتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
2- وسئل في بداية الانتفاضة الأولى علم 1987م رحمه الله عن حكم الجهاد في فلسطين على النحو التالي.
السؤال: ما تقول الشريعة الإسلامية في جهاد الفلسطينيين الحالي، هل هو جهاد في سبيل الله، أم جهاد في سبيل الأرض والحرية؟ وهل يعتبر الجهاد من أجل تخليص الأرض جهاداً في سبيل الله؟
الجواب: لقد ثبت لدينا بشهادة العدول الثقات أن الانتفاضة الفلسطينية والقائمين بها من خواص المسلمين هناك، وأن جهادهم إسلامي؛ لأنهم مظلومون من اليهود؛ ولأنَّ الواجب عليهم الدفاع عن دينهم وأنفسهم وأهليهم وأولادهم وإخراج عدوهم من أرضهم بكل ما استطاعوا من قوة. وقد أخبرنا الثقات الذين خالطوهم في جهادهم وشاركوهم في ذلك عن حماسهم الإسلامي وحرصهم على تطبيق الشريعة الإسلامية فيما بينهم، فالواجب على الدول الإسلامية وعلى بقية المسلمين تأييدهم ودعمهم ليتخلصوا من عدوهم وليرجعوا إلى بلادهم عملا بقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(فهذه الفتوى صدرت منه قبل أكثر من عشرين سنة، أي في بداية ظهور حركة حماس ووقتها ما كانت تجاهد مع شعبها سوى بالحجارة والسكين، وقليل من السلاح الناري الشخصي، فما بالك لو كان بين أظهرنا اليوم رحمه الله.. وليتك يا شيخ عثمان الخميس تنتبه لقول العلامة بن باز: "لقد ثبت لدينا بشهادة العدول الثقات أن الانتفاضة الفلسطينية والقائمين بها من خواص المسلمين هناك وأن جهادهم إسلامي". فاتق الله تعالى وقل قولاً سديداً، وليسعك الصمت ما لا يسعك الغمز واللمز في جهاد شعب فلسطين المسلم.
5- وأمًّا قول الشيخ عثمان الخميس إن الجهاد في غزة من التهلكة.. فهذا فهم مغلوط لقوله تعالى:(وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) فالمعُتَمَد في بيان سبب نزولها، أن الآية نزلت في الحث على الإنفاق في سبيل الله. وقد جاء تفصيل ذلك فيما رواه أبو داود عن أسلم أبي عمران، قال:(غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه! مه! لا إله إلا الله، يلقي بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب" : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، لما نصر الله نبيه وأظهر الإسلام، قلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى: (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة: أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد. قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دُفن بالقسطنطينية"، هذا لفظ أبي داود، وقد قال الترمذي بعد أن ساق نحواً من هذه الرواية: هذا حديث حسن صحيح غريب. وهذه الرواية والتي قبلها، تفيد أن النهي في الآية منصب على من رَكَن إلى الدنيا، وانشغل بشؤونها وشجونها، وأقعده ذلك عن الدفاع عن الدين، فيكون المراد من النهي فيها الحث على الجهاد في سبيل الله. ويشهد لهذا المعنى ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:(ليس التهلكة أن يُقتل الرجل في سبيل الله، ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله). رواه الطبري بسنده. وهذا المروي عن ابن عباس في معنى الآية مروي عن كثير من التابعين، كما قال ابن أبي حاتم. وأحسن ما فسرت به هذه الآية: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما خلاصته ومحصلته: "أنَّكم إذا تركتم النفقة في الجهاد قوي عدوكم، وكان من نتيجة ذلك أن تسلَّط عليكم وقهركم، وأخذ ما بأيديكم، وقتل من قتل منكم وانتهك الأعراض, وفعل فعله فيكم، فهذا معنًى يدخل في الآية دخولاً أولياً أصلياً".
6- لقد طعن الدكتور عثمان الخميس في عقيدة قادة حماس وابنائها متكأً على أمرين اثنين، الأول: أنَّ حماس قتلت أهل السنة في غزة، وذكر ما حدث من فتنة قادها الدكتور عبد اللطيف موسى رحمه الله. والثاني: ترحُّم الأستاذ خالد مشعل على الهالك الخميني. ولبيان ذلك اذكر ما يلي:-
أولا: إنًّ الدكتور عبد اللطيف موسى أعرفه معرفة شخصية، وقبل سنوات أهداني كتابه عن الإيمان الذي أعده وجمعه من كتب السلف، وهو طبيب عام لبَّس عليه الشيطان في أواخر حياته، حيث اعتمد على رؤى (أحلام) في وجوب إقامة إمارة إسلامية في منطقة بمدينة رفح، وأخذ يكفَّر حماس وقادتها وجيشها كتائب القسام، وهاجمها في خطب الجمعة في مسجد ابن تيمية في مدينة رفح، وخطبه التي ذكر فيها ما رآه في المنام مسجلة ومحفوظة وموجود بعضها على اليتيوب، ثم هل سجل التاريخ الإسلامي أن دولة أو إمارة إسلامية أنشئت وفق الأحلام والرؤى، أليس من يريد إنشاء شركة ناجحة يخطط لها علمياً وإدارياً ومالياً، ويدرس وضع السوق من حوله، وهل مقدرته المالية والإدارية تسمح له بذلك. وهل تقام الإمارة ببضع مئات من المسلحين، والمتحصنين في مسجد في أطراف البلد. إنها شطحات وتلبيسات أبالسة الجن والإنس، التي تفقد الإنسان عقله وتشل تفكيره.
لقد أرسلت إليه حكومة حماس –وهي يومئذ ترأس الحكومة في قطاع غزة– وفداً من المشايخ والدعاة والوجهاء ليكفَّ عما يثيره من فتن بين الناس، ويوم الخميس قبل خطبة الجمعة التي أعلن فيها قيام إمارة إسلامية في مسجد ابن تيمية أقول يوم الخميس اعطى الدكتور عبد اللطيف هذا الوفد ميثاقاً ووعداً بأن يكفًّ عما طلبوه منه، ولكن فوجئ الجميع أنه حضر يوم الجمعة إلى المسجد ومعه ما يقرب من مائتي مسلح احتلوا ساحة المسجد ومأذنته وسطحه، وقام بإعلان قيام إمارة إسلامية تطبق أحكام الشريعة وتقسم الغنائم وتوزع الفيئ، وغير ذلك ممَّا ذكر، وذكر ما رآه في المنام من رؤى وعدها رؤى حقيقية وواقعة، وطالب حماس والحكومة وعلى رأسها أ.إسماعيل هنية بأن يأتوا إليه لمبايعته، وعدَّ كما ترائ له الشيطان في المنام الشرطة الفلسطينية وأبناء القسام كلاب ستهزم أمام جيشه. ولما ذهب أحد قادة القسام في رفح ليقابل الشيخ والتفاهم معه قام المسلحون بإطلاق وابل من النيران تجاهه فأردوه قتيلاً رحمه الله، كما أطلقوا النيران على كل من يمرُّ قريباً من المسجد، فأمام هذا الفعل الشنيع قامت الشرطة بواجبها الشرعي، فهل يعقل أن يترك مائتي مسلح يحتلون مسجداً ويطلقون النار من داخله ومن فوق مأذنته، أي دولة أو حكومة على وجه الأرض ستسمح بهذه الفوضى، اللهم إلا الدكتور الخميس ومن يؤيد مزاعمه التي بناها على معلومات مغلوطة. وهنا أسأل الدكتور الخميس لو أن شيخاً احتل المسجد الكبير بالكويت ومعه عدد كبير من المسلحين، وأعلن قيام إمارة إسلامية في الكويت فهل يجوز له شرعا ذلك، وهل الحكومة الكويتية سوف تتركه ومن معه من المسلحين يرهبون الناس، وهل إمارة تقام في مسجد أو في ناحية من مدينة، وبهذه الطريقة ومعتمدها أحلام ورؤى الأمير. هذا منطق غريب جدا وفكر متخلف بامتياز لا علاقه له بشرع أو دين، ومن المزاعم التي ساقها الدكتور الخميس أن حكومة حماس قتلت الدكتور عبد اللطيف موسى داخل المسجد، ومما يبين سقوط هذا الزعم أنه لم يقتل في المسجد أحد بل سمح لهم جميعا بالخروج منه بعد أن حاصرته الشرطة، ثمًّ يا شيخ هل حققت في الموضوع ونقل لك أهل العدل والإثبات أين قتل من قتل وهم عدد قليل جداً، فالأغلبية تمَّ اعتقالهم من الطرقات ومن بيوتهم، وتمَّ عمل مراجعات فكرية لهم وأطلق سبيلهم بعد ذلك.
2- ثم يقول الدكتور الخميس إن حكومة حماس لم تطبق أحكام الشريعة الإسلامية وهاجمها من هذا الجانب، وأود سؤاله من هي الدولة في العالم الإسلامي التي تطبق أحكام الشريعة الإسلامية في جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فيذكر لنا هذه الدولة؟! وهل بلده تطبق الشريعة الإسلامية، فلماذا يطالب بقعة هي جزء صغير من فلسطين المحتلة المحاصرة بتحكيم الشريعة الإسلامية، وهل تطبق الشريعة قبل تحرير البلد وقبل التمكين، هل نقيم إمارة إسلامية في قطاع غزة، وما مصير الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948م، ثمًّ كيف نجمع بين مطالبتك بعدم مجاهدة اليهود بحجة عدم الاستعداد ومن الاستعداد الإيماني! فإذا لم تكن غزة مستعدة للجهاد كما زعمت، فهل هي مستعدة لتطبيق الشريعة، ألم تطالب بالاستعداد الإيماني، أليس من باب أولى الاستعداد الإيماني لتطبيق الشريعة. وبدل مطالبة حماس لما لا تقيم الدنيا وتقعدها لتطبق في دولة مستقلة.
7- أيجوز للدكتور الخميس أن يقول: هل هؤلاء مجاهدون وهل هذا جهاد وهم قتلوا أهل السنة، كأن حماس واتباعها ليس من أهل السنة، بل هم من كوكب آخر، فأهل السنة فقط من يمثلهم الخميس ومن يصنفهم هو حسب قواعد التفكير الخاص به، وأقول لك: إن عقيدة حماس سنية سلفية، ومع ذلك فمن قادة حماس وأبنائها من تقع منه الأخطاء أو الذنوب والمعاصي، كغيرهم من المسلمين.
8- مع الأسف الشديد إنًّ موقف الخميس من الجهاد والمجاهدين في غزة بناه على مواقف مسبقة، وليس دراسة للواقع المعاصر الذي تعيشه غزة وأهلها وجندها القسام ومعها قوى المقاومة الشريفة، وهو كون الأستاذ خالد مشعل ترحَّم على الهالك الخميني وزار قبره.
أولاً:- هذا موقف حصل قبل أكثر من عشرين سنة، وقد روجع من قبل إخوانه، وخالد مشعل يعرف من هم الشيعة الروافض فقد عاش معظم حياته في الكويت. ثمًّ إذا كان خالد مشعل قد وقع في خطأ فهل يعمم الخطأ كأنه اعتقاد لحركة حماس، ثمًّ لما لم تنصحه وتراجعه؟ ألست عالما وداعية ووظيفتك النصح والبيان والإرشاد، وليس تصيُّد الأخطاء واللمز والغمز في حركة مجاهدة قدمت المئات من أبناءها وقادتها شهداء، وقدمت آلاف الأسرى لدى العدو الصهيوني يسومهم سوء العذاب دفاعاً عن كرامة الأمة وعزتها وشرفها، ودفاعا عن القدس والمسجد الأقصى، قال الله تعالى:{لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً} النساء:95.
ثانياً:- إن أبناء حماس وأبناء غزة مسلمون سنيون، ولن يسمحوا لأي فرقة منحرفة أو فكر منحرف أن يتسسلل إلى مجتمعهم، ونحن يا د. عثمان الخميس ندرس كتبك في الرد على الرافضة، وشخصيا لي كتابان وعدة أبحاث في كشف عقائد الشيعة ممكن ترجع لها في موقعي على الإنترنت(www.drsregeb.com) وقد وزَّعنا أكثر من عشرة آلاف نسخة من كتابي (تعريف عام بدين الشيعة الاثنا عشرية) على الدعاة والعلماء وطلبة العلم، توعية وتبصرة، وكل طلبة الجامعة الإسلامية يدرسون معتقدات الشيعة في مقرر متطلب جامعة، ولمَّا تعرضت السيدة الطاهرة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لهجمة شرسة من الروافض قمنا بعمل مهرجان علمي دفاعاً عنها وعن الصحابة رضي الله عنهم، وشاركنا في قناة صفا الفضائية مرتين في ذلك، ولك أن تسأل الإخوة في جمعية ابن باز الخيرية الذين قدموا لمنزلي وقد خططنا سويا للمهرجان وما يتضمنه من فاعليات وكلمات، ولقد كانت لك شخصيا كلمة متلفزة وقتها. والذي أنجح المهرجان قادة حماس بكلماتهم المتميزة وبحضور أبناءهم. ونقلت فضائية الأقصى التابعة لحماس هذا المهرجان على الهواء، ثم لقد أنشأنا في غزة جمعية أهل السنة أنصار آل البيت والأصحاب، وهي دعوية ثقافية ومن أهدافها:-
1- نشر عقيدة أهل السنة والجماعة، وفق منهج السلف الصالح.
2- نشر الوعي الإسلامي وفق رؤية وسطية.
3- بيان مكانة ومنزلة آل البيت والصحابة رضي الله عنهم، وغرس محبتهم في نفوس المسلمين، والتأسي بهم في نفوس المسلمين.
4- - تكوين جيل مسلم يشعر بانتمائه الحقيقي لآل البيت والأصحاب رضي الله عنهم، وإعداده كاملاً من حيث العقيدة والأخلاق والسلوك وفق نهج أهل السنة والجماعة.
5- تحصين الشباب المسلم من العقائد والأفكار المخالفة لاعتقاد السلف وأهل السنة، وتوعيتهم لما يخطط أعداء الله تعالى من إبعاد المسلمين عن دينهم وإفساد عقائدهم.
6- كشف بدع وضلالات الفرق المعادية للدين والمنتسبة للإسلام زورا وبهتانا، حتى لا يقع الشباب المسلم في شباك هذه الفرق.
ثمَّ لما هذا الهجوم على حماس وجهادها وهي التي لم ولن تسمح بإقامة حسينية واحدة للشيعة في غزة- بينما الحسينيات عندكم أنتم تعرفون عددها- ولم ولن تسمح لهم بممارسة أية أنشطة خاصة لهم، فليس عندنا صحف تهاجم الصحابة وتطعن في إيمانهم كما عندكم، فاطمئن في هذا الجانب كما نجاهد يهود فسنجاهد فكريا وتربويا ودعويا وعمليا حفاظا على عقيدتنا وعقيدة مجتمعنا المسلم، وعندما حاول شخص متشيع أن يقيم حسينية صغيرة في منزله كان مصيره السجن، ولم يخرج منه إلا بعد التعهد بألا يعود لمثلها أبداَ.
الحلقة الثالثة في الرد على مزاعم وأغاليط الدكتور عثمان الخميس
9- من أغاليط الدكتور الخميس: أنًّ غزة في مرحلة جهاد الدفع، وهي ليست مستعدة لهذا الجهاد، جاء في كتاب: المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام: شيخ الإسلام بن تيمية،3/ 218 ما يلي: "جهاد الدفع: إذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب، إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم، ونصوص أحمد صريحة بهذا، وهو خير مما في المختصرات، لكن هل يجب على جميع أهل المكان النفير إذا نفر إليه الكفاية؟ كلام أحمد فيه مختلف. وقتال الدفع مثل أن يكون العدو كثيراً لا طاقة للمسلمين به؛ لكن يخاف إن انصرفوا عن عدوهم عطف العدو على من يخلفون من المسلمين، فهنا قد صرَّح أصحابنا بأنه يجب أن يبذلوا مهجهم ومهج من يخاف عليهم في الدفع حتى يسلموا". هذا هو جهاد الدفع الذي ذكره شيخ الإسلام لا ما ذكره الدكتور عثمان الخميس في محاضرته وهذا يدل على أنه يقول ما لم يقله ولن يقوله أهل العلم، فالعدو الصهيوني احتل 78% من فلسطين، وهو عندما هاجم غزة بعدوانه الإجرامي لم يأتي من خارج فلسطين المحتلة، فجهاد الدفع للعدو القادم من بلده أي من خارج حدود بلاد المسلمين، فلما الخلط بفقه أعوج ومحاولة تطبيقه على غزة التي تجاهد نيابة عن الأمة المتقاعسة، فبدل أن تدعمها وتدعو لأهلها باانصر والتأييد وهذا ما لم نسمعه منكم مع الأسف الشديد.
10- من عجائب أغاليط وعجايب الدكتور الخميس دعوته أهل غزة وفلسطين للاستسلام لليهود وأن يصبروا على ما يصيبهم من عدوان وإرهاب يهودي وما يتعرضون له من مجازر، وتشريد واعتقال وسجن لأبناءهم، فحسب دعوة الخميس فاليهود يا أهل غزة والضفة إذا قتلوا منكم أعدادا كبيرة من أبنائكم فاصبروا وتحمَّلوا، ولا تجاهدوا ولا تقاوموا عدوكم اليهود، حسب الفقه الإعوج الذي ساقه الدكتور الخميس، وإذا هدموا بيوتكم ومقابركم ومساجدكم فاصبروا وتحملوا، وإذا هوَّدوا القدس والأقصى فاصبروا، واذا اعتقلوا منكم المئات أو الالاف فاصبروا، وإذا صادروا أرضكم لبناء مغتصباتهم فاصبروا وتحمًّلوا، وإذا هجَّروكم من بلداتكم وأرضكم، وحرقوا أشجاركم وزرعكم فاصبروا، وإذا قلعوا عيونكم وقطعوكم إرباً فاصبروا، ولو قتلكم اليهود جميعا فاصبروا كما صبر آل ياسر رضي الله عنهم على أذى وتعذيب المشركين في مكة المكرمة، الذين صبروا والمسلمون في حالة استضعاف ولم تتنزل آيات الجهاد بعد، إنما نزلت في المدينة المنورة بعد الهجرة كما هو معلوم، يا شيخ عثمان لماذا لم يصبر أبا جندل وأبا بصير وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، فللصبر مواطنه، ولعل من أعلاها الصبر والمصابرة في مجاهدة العدو قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}آل عمران:200، ومعنى الآية باختصار: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اصبروا على طاعة ربكم, وعلى ما ينزل بكم من ضر وبلاء, وصابروا أعداءكم حتى لا يكونوا أشد صبرًا منكم, وأقيموا على جهاد عدوي وعدوكم, وخافوا الله في جميع أحوالكم; رجاء أن تفوزوا برضاه في الدنيا والآخرة.
- يا أهل غزة حسب فقه الدكتور الخميس آيات وأحاديث الجهاد لا علاقة لكم بها، ولستم مطالبين بالعمل بها، فاتركوا الجهاد والمقاومة، فالدكتور عثمان الخميس الجالس في مسجد مكيف بالكويت مشفق عليكم وهو يطالبكم بالصبر وتحمل عدوان يهود، ويطالب من يستمع إليه ألا ينصرونكم أو يجاهدون معكم ولو بدعاء لأنَّ الجهاد في فلسطين كما زعم المسكين فوضى وهو من إلقاء النفس في التهلكة.
اللهم أشهدك أني أبرأ إليك مما روجه د. عثمان الخميس من مزاعم وأغاليط، ومن خذلانه للمسلمين في فلسطين وغزة، وستكون الشهداء والدماء وأهلها وأصحابها، وملايين من المسلمين خصمه وحجيجه يوم القيامة أمام الله الملك الديان.